أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ: ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة

الاثنين، 22 يناير 2024

ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة


عليه أفضل الصلاة والسلام على آله وصحبه أجمعين الي يوم الدين 

فلما كان للذكر هذا الفضل وتلك المكانة، كان لمجالسه الرفعة على بقية المجالس، حتى شبهها النبي صلى الله عليه وسلم

 برياض الجنة؛ ورغب في الجلوس فيها فقال: (إذا مررتُم برياضِ الجنةِ فارْتَعوا. قالوا: وما رِياضُ الجنَّةِ؟ قال: حلَقُ الذِّكرِ).. حسنه الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث المشكاة، والألباني في صحيح الترغيب وغيره.


ومجالس الذكر مجالس عفو ومغفرة، يغفر الله لأهلها ذنوبهم، ولمن حضرها معهم وإن لم يكن منهم، ببركة جلوسه معهم، فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم،كما ذكر ذلك أبو هريرة رضي الله عنه عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنَّ للهِ ملائكةً سيَّاحين في الأرض فُضْلًا عن كُتَّابِ الناسِ، يطوفون في الطُّرُقِ، يلتمسون أهلَ الذِّكر، فإذا وجدوا قومًا يذكرون اللهَ تنادوا: هَلُمُّوا إلى حاجاتِكم، فيَحفُّونهم بأجنحتِهم إلى السماءِ الدنيا، فيسألهم ربُّهم، وهو أعلمُ منهم: ما يقول عبادي؟ فيقولون: يُسبِّحونك، ويُكبِّرونك، ويحمَدونك، ويمجِّدونك، فيقول: هل رأوني؟ فيقولون: لا واللهِ ما رأوك، فيقول: كيف لو رأوني؟ فيقولون: لو رأوك كانوا أشدَّ لك عبادةً، وأشدَّ لك تمجيدًا، وأكثرَ لك تسبيحًا، فيقول: فما يسألوني؟ فيقولون: يسألونك الجنَّةَ، فيقول: وهل رأوها؟ فيقولون: لا واللهِ يا ربِّ ما رأوها، فيقول: فكيف لو أنهم رَأوها؟ فيقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشدَّ عليها حِرصًا، وأشدَّ لها طلبًا، وأعظمَ فيها رغبةً، قال: فمم يتعوَّذون؟ فيقولون: من النَّار، فيقولُ اللهُ: هل رأوها؟ فيقولون: لا واللهِ يا ربِّ ما رَأوها، فيقول: فكيف لو رأَوها؟ فيقولون: لو رأوها كانوا أشدّ منها فرارًا، وأشدَّ لها مخافةً، فيقول: فأُشهدِكُم أني قد غفرتُ لهم، فيقولُ ملكٌ من الملائكةِ: فيهم فلانٌ ليس منهم، إنما جاء لحاجةٍ! فيقول: هم القومُ لا يَشْقى بهم جليسُهم)[رواه الترمذي وقال حسن صحيح].
ومعنى [فُضْلًا عن كُتَّابِ الناسِ]، أي: زائدون على الحفظة وغيرهم من المرتبين مع الخلائق، فهؤلاء السيارة لا وظيفة لهم، إنما مقصودهم حلق الذكر. قاله النووي في شرح مسلم.

تبديل سيئات أهلها حسنات:
وليس المغفرة فقط من فضائل هذه المجالس الطيبة المباركة، وإنما كذلك يبدل الله سيئات أصحابها حسنات، تكرما منه عليهم، وثوابا منه لهم على حضورهم هذه المجالس الزاكيات، وقد ورد الحديث بذلك وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة وصحيح الجامع وصحيح الترغيب والترهيب عن سهل بن الحنظلية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما جلس قومٌ مجلسًا يذكرون اللهَ عزَّ وجلَّ فيه فيقومون؛ حتى يُقالَ لهم: قوموا قد غفر اللهُ لكم، وبُدِّلَتْ سيِّئاتِكم حسناتٌ).
وأخرج مثله البيهقي عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما جلس قومٌ يذكرون اللهَ عزَّ وجلَّ إلا ناداهم منادٍ من السماءٍ: قومُوا مغفورًا لكم، قد بُدِّلَتْ سيئاتُكم حسناتٍ).

ذكر الله لهم
وهو أعلى المطالب وأغلى الفضائل، أن يذكرك الله تعالى وهو من هو وأنت من أنت، قال تعالى: {فاذكروني أذكركم}(البقرة:152).


وسبق في الحديث: (إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده).
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال اللهُ تبارَك وتعالى: أنا عندَ ظنِّ عبدي بي، وأنا معه حيثُ يذكُرُني: إنْ ذكَرني في نفسِه ذكَرْتُه في نفسي، وإنْ ذكَرني في مَلَأٍ ذكَرْتُه في مَلَأٍ خيرٍ منهم).

مكانته وفضله في الآخرة
هذا كله في الدنيا، وأما فضلهم في الآخرة وجزاؤهم:
أهل الذكر هم أهل الجنة:
فقد روى الإمام أحمد والمنذري وغيرهما بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو قال: (قلتُ يا رسولَ اللهِ ما غنيمةُ مجالسِ الذِّكرِ؟ قال: غنيمةُ مجالسِ الذِّكرِ الجنَّةُ)[صححه المنذري والهيثمي والألباني].

هم أهل الكرم يوم القيامة
فقد روى ابن حبان في صحيحه عن أبي سعيد الخدري عن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يقولُ اللهُ جلَّ وعلا: سيعلَمُ أهلُ الجمعِ اليومَ مَن أهلُ الكرَمِ. فقيل: مَن أهلُ الكرَمِ يا رسولَ اللهِ؟ قال: أهلُ مجالِسِ الذِّكرِ في المساجِدِ).

وجوههم نور، على منابر اللؤلؤ، يغبطهم الخلائق
فإذا كان يوم القيامة جعل الله وجوههم نورا، وأجلسهم على منابر اللؤلؤ، حتى يتمنى الناس مقامهم ومكانهم: قال صلى الله عليه وسلم: (ليبعثَنَّ اللهُ أقوامًا يومَ القيامةِ في وُجوهِهِمُ النُّورُ، علَى منابرِ اللُّؤلؤِ، يغبِطُهُمُ النَّاسُ، لَيسوا بأنبياءَ ولا شُهداءَ. قال: فَجثَا أعرابيٌّ على رُكبتَيْهِ؛ فقالَ: يا رسولَ اللهِ! جَلِّهِم لنا نَعرِفْهمْ. قال: همُ المتحابُّونَ في اللهِ، مِن قبائلَ شتَّى، وبلادٍ شتَّى، يجتَمِعونَ على ذِكرِ اللهِ يَذكرونَه).

فإذا كان لمجالس الذكر كل هذه الفضائل، فحري بالمسلم أن يسارع إليها، ويكون من أهلها، وينتسب إلى أصحابها لينال من فضائلها وبركاتها.


منقول للفائدة 

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية