كلمات الله
والآن تختم هذه الجولة بمشهد كوني يرمز إلى غنى الله الذي لا ينفد ، وعلمه الذي لا يحد ،
وقدرته على الخلق والتكوين المتجددين بغير ما نهاية ، ومشيئته المطلقة التي لا نهاية لما تريد :
ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام ،
والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ،
ما نفدت كلمات الله .
إن الله عزيز حكيم . ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة .
إنه مشهد منتزع من معلومات البشر ومشاهداتهم المحدودة ، ليقرب إلى تصورهم معنى تجدد المشيئة الذي ليس له حدود ؛
والذي لا يكاد تصورهم البشري يدركه بغير هذا التجسيم والتمثيل .
إن البشر يكتبون علمهم ،
ويسجلون قولهم ،
ويمضون أوامرهم ،
عن طريق كتابتها بأقلام -
كانت تتخذ من الغاب والبوص - يمدونها بمداد من الحبر ونحوه .
لا يزيد هذا الحبر على ملء دواة أو ملء زجاجة ! فها هو ذا يمثل لهم أن جميع ما في الأرض من شجر تحول أقلاما . و جميع ما في الأرض من بحر تحول مدادا .
بل إن هذا البحر أمدته سبعة أبحر كذلك . . وجلس الكتاب يسجلون كلمات الله المتجددة ،
الدالة على علمه ، المعبرة عن مشيئته . . فماذا ? لقد نفدت الأقلام ونفد المداد .
نفدت الأشجار ونفدت البحار . .
و كلمات الله باقية لم تنفد ، ولم تأت لها نهاية . . إنه المحدود يواجه غير المحدود .
ومهما يبلغ المحدود فسينتهي ؛ ويبقى غير المحدود لم ينقص شيئا على الإطلاق . . إن كلمات الله لا تنفد ، لأن علمه لا يحد ، ولأن إرادته لا تكف ، ولأن مشيئته - سبحانه - ماضية ليس لها حدود ولا قيود .
وتتوارى الأشجار والبحار ،
وتنزوي الأحياء والأشياء ؛
وتتوارى الأشكال والأحوال . ويقف القلب البشري خاشعا أمام جلال الخالق الباقي الذي لا يتحول ولا يتبدل ولا يغيب ؛ وأمام قدرة الخالق القوي المدبر الحكيم : إن الله عزيز حكيم .
ظلال القرآن
منقول للتدبر
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية